تكاسل في الدخول للنت شعر بملل يتكئ على إرادته لا يملك هو من الحلول الموضوعية غير النوم ، الحل السحري يجده وقت الشــخير ، حـينها فقـط تخالطه الأحلام ، يجد ما يريد ، تركبه متاعبه اليومية ، ترميه خلف ظهره لا يملك الواحد مصيره ، المصير معلّق بقطعة الخبز و إمضاء على بطاقة تعريف أو هوية ، هو ليس بحاجة للهوية أكثر من احتياجه ليد تمسح عنــه القلق و التوتر المضايق عليه الخناق ، كــادت أجفانه تـنغلق وهو يســـرح بتفكيره و تساؤلاته المرهقة للحس و الدماغ ، ينزع يده من جيب ـالباركةـ الصوفية ، يلتقط فأرة الحاسوب يحركها يمنة و يســرة فـي حينها يتساءل بغباء مواطن عربي يصدّق بسحر السياسي ويرفض تجلي الحقيقة البـــهي التي لم يألفها في واقع حياته ، يتساءل فأرة الحاسوب لها دلالة دينية لا شك أو عقائدية ، لما لم تسمى قطا أو ثعبانا أو شيئا آخر ؟ لا شك أن سذاجته هي صورة عكسية لشخصية العربي المنحصر الذهن فيما يأكل و في أين يسكن و في أي حادث طرأ على الأرض من تفجير و موت و سرقات و نزاع بين جار و جار بسبب دجاجة تعدت حدود السيـاج لتـقوم حرب بالعـصي والرصاص،لا تكفي المحيطات لإيقاظ النائم ، أسئلة تغتـــال حتى براءة الأطفال لأنهم لا يفكرون سوى في حالة آبائهم قبل أن يفكر الآباء في حالة أبنائهم ، هل يفكر الأطفال في عالم يشبه ذاك الذي يشاهدونه على الشاشة و على الفضائيات ؟ "الحمورية فلسفة الرضا عندنا" ، يحرك السهم داخل الشاشـة تظهر الإيقونــات على سطح المكتـب ، يوّجه السهـم نحو صفحة الـبداية تفتح الصفحة ، مـن الصفحة الرئيسية ينـتقل مبــــاشرة إلى الركن المعهود ، يدخل الصفحة بكلمة مرور ، ورشة ضجيج لا بناء فيها ، ردود وتهجمات ، ليس هو اليوم في وضع يسمح له أن يقرا أو يعلّق و هو يحرك عجلة الفأرة إلى تحت يشعر بغثــيان الأسئلة ، يتــقيأ ذهــنيا ، حالة ألفتها وعهدتها الشعوب رضعتها من ثدي السياسة الملونة ومن جاهلية عصبية سلبية ، يضع رجله اليمنى على الشِمال ، يرفــع كتفه ، يقــوم و يقعد من جديد، لقد ألف هذه الحالة كـلما أنزعـج وتوتـر من شـيء ما، الوقوف ثم الجلوس حتى تختفي صورة التمثال من مخيلته ، العالم العربي كل فرد فيه يملك تمثالا يغطيه بمعطفه يؤلهه ويقدسه لا حبا فيه إنما حبا وطمعا فيما يقدمه له إنما يمثل صورته فيه ، صار الموقع ساحة حرب و سلام ، نفاق ورياء ، شعراء متكسبون وكتاب متواطئون ، أزهار حمراء ترمى ، صور للطبيعة رومانسية عرابين الكذب و الخداع، شراء الود هنا لنيل القرب و ما يذر من عطاء ، أغــلق الصفحة وقــف أزاح الكرسي جانبـــا تناول فنجان القهوة احتساه دفعة واحدة ، تراءت له وجوها وشخوصا في زجاج ذاكرته اختلطت معها صور السياسيين و المسرحيين و المهرجين،صورالحيوانات التي قرأها في مراحل الدراسة الابتدائية و أسماء حيوانات السرك المدربة، أي شيء يصله من الموقع يمسحه، يُهمله، رسائل تشبه الرسوم المتحركة، كان منزعجا بطابع الفضول دخل لبريده الالكتروني وجد رسالة عنوانها:- تحية مسائية - ثم راح يقرأ محتوى الرسالة : هذه رسالتي إليك صديقي أقرأها ، لقد حرمت الدخول بسبب تصفية حسابات ، أرادني أن أكون معبرا يوصله إليها ، أختصر كلامي لأني أعي أنك تحب الإيجاز ... توقف برهة عن القراءة رفع عينيه للسقف وضع سبابته في فمه وراح بظفره ينزع شيئا علق بأسنانه و تساءل: يوصله إليها ؟ هي من ؟ ثم أكمل قراءة الرسالة : لم أأبه للأمر لأن الحمق و الرعونة تملئ كثرة المواقع التي صنعتها الأحزاب و الفولكلور و النغمة على بطن ونصف ، كل الأقلام وقفت معه ، رماح في صدري ، انسحبت في صمت ، تركت المكان للأبواق و ليملئ بنعيق الغربان ونعيب البوم ... لم يكمل قراءة الجملة الأخيرة حتى رن هاتفه الخلوي برنة كلاسيكية لموزار
ـ ألو.. صباح الخير
ـ صباح الفرح
ـ صباح الخيرات
ـ الحزن يملأني مشتتة لخبر وفاة صديقة ، إنها تهاني
ـ من تكون ؟
ـ أدخل الموقع ( .....)
ـ اعذرني أخلو بنفسي الخبر أفجعني ...
ـ أعزيك نيابة عن أهلها سنتواصل لاحقا.
أغلق الهاتف لم يكن يملك الخيار فتح صفحة ويب جديدة وضع عليها الرابط و أنتظر الصفحة حتى تفتح ثم راح يكمل قراءة الرسالة :
لقد تأكد الجميع من ملمسه اللّين وعطب أنيابه، وجدت الكل يطعن فيه في دردشتهم الخاصة، أخبروني بذلك في حواراتهم الخاصة و في مواقع راحوا يأكلون لحمه ويقطعونه بمنشار حافي الأســنان ، علــمت أن المصلحة التـي جمعتهم فرقتهم ، دافعـــت عنه حينما أكلوا لحمه و علّقت " عيب علينا أن نصفّي حساباتنا بطريقة بدائية لا أخلاقية ، حذفــوا لي موضوعــي بسرعة لأنه دفاعا عمن حرمني كلمة دخول ، غيّروا لي كود الدخول ، أرســلوا لي رسالة تطالبني ـ رجاءا بعدم تكـرار الفــعلة ـ ، الكــل يشبه بعضه بعضا استبدادا ، لسـت بحــاجة لكي يرجــعوا لـي كــود التفعيل ، مواقع التـكريــم والامتنان و الهدايا المخفية لتغطية فضائح، إنهم يبيـعون ويشـترون فـــــي الضمير، لن نتغير ولو ملكنا ثورة المعلومات و عالم الديجيتال لأن ذهنية تفكيرنا لم تتغير يعملون على مدارة النفس ... وصل بالقراءة لجملة ضحك منها حتى كاد أن يسقط، الدموع انفجرت من عيونه كنبع ماء ، صــوت جهوري أرتفع ، قهقهة ، كاد يموت ضحكا ثم أكمل سرد الرســالــة وهــو يمسح الدموع بطرف ثوبه : يليق بهم أن يكونوا أعضاء في برلمــانـــات عربية فهم يعرفون كيف تُسيَـر الأمور الخاطئة ويفرضون واقعا مغلوطا ، التجارة بشرف القلم ، لا تكترث إن وصلت رسالتي هذه و أنت ناقم على واقع دنياك فقلمك أشرف من أرواحهم و أغلى من نفوســهم و الســـلام ."
نسى الرابط الذي فتحه ليعرف من هي المرحومة تهاني التي أخبرته بوفاتها صاحبة الاتصال ، راح يتفحص ذاك الموقع من جديد ليرى حديقة تسلية وعلى رابط آخر لجريدة ذائعة الصيت راح يقرأ عن المهرّج فلاديمير جيرونفسكي القائل : "سأعيد العرب إلى عهد الإبل " المستقبل من حكومات عربية بعدما منعته دولا أروبية من العلاج في مستشفياتهاوقتذاك.