الريح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الريح

كتابات متمردة بجميع الالوان
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 وجوه العدول والارباك في رواية ةة منذ,, لعبد الوهاب الملوح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الملوح

الملوح


عدد الرسائل : 284
تاريخ التسجيل : 30/01/2007

وجوه العدول والارباك في رواية ةة منذ,, لعبد الوهاب الملوح Empty
مُساهمةموضوع: وجوه العدول والارباك في رواية ةة منذ,, لعبد الوهاب الملوح   وجوه العدول والارباك في رواية ةة منذ,, لعبد الوهاب الملوح Icon_minitimeالثلاثاء يوليو 17, 2007 1:39 pm

وجوه العدول والإرباك في :« منذ... » لـ: عبد الوهّاب الملوّح
عبّـاس سلـيمان
1- قـبل الـبداية:
من قصائد قصيرة غالبا يستغرق إلقاؤها دقائق معدودة إلى رواية ضخمة تستوجب قراءتها أيّاما عدّة. من شاعر يختلف كثيرا عن شعراء جيله في مباني قصائده ومعانيها، في مفرداتها ورموزها، في ما فيها من سحر وفلسفة ،إلى روائّي لا يختلف عن غيره من الرّوائيّين سوى في أنّه يريد أن يقول كلّ الدّنيا في رواية واحدة.
من الشّعر، ديوان العرب الأوّل إلى الرّواية ديوان العرب الجديد.
من هناك إلى هنا، تحوّل عبد الوهّاب الملوّح وترك شغفه الأوّل إلى حين ليفسح المجال لموهبة فيه أخرى أن تتجلّى وتخرج منه و عنه إلى النّاس وتعلن أنّ صوتا جديدا يقول الرّواية بشكل مركّز ومكثّف رغم شغفه بالتّفاصيل الدّقيقة رسم خطوة ثابتة في اتّجاه البحث عن مكان له حقيقيّ تحت سماء الرّواية العربيّة الجديدة.
" منذ..." (1)، روايته البكر الصّادرة حديثا عن دار سيبويه للنّشر في 279 صفحة، هي رواية لا تشبه أيّ رواية أخرى إلا ّ في إنتمائها الاجباري إلى هذا الجنس الخلاسيّ وانتفاء إمكانيّة انضوائها تحت راية أيّ جنس آخر... رواية منفتحة على كلّ الكتابات وعلى كلّ القراءات...فيها يتمازج السّرد والوصف والحوار دون أن يبغي على أحدهم الآخر ودون أن يخلّ أيّ منهم بالمهامّ التي يوكلها إليه الرّاوي أو قل الرّوائيّ باعتبار اتّحاد الإثنين في كثير من أجزاء الرّواية وتفاصيلها حتّى ليصبحان واحدا وتزول بينهما كلّ الفوارق والحواجز.
ولئن كانت جوانب عديدة في هذه الرّواية تدعو وتلحّ على التّناول فقد رأينا أن نخصّص ورقتنا هذه لما رأيناه الأهمّ فيها وذا أولويّة عليها جميعا، إنّه جانب وجوه الخرق والعدول.
2- العدول في مستوى العنوان:
منذ البدء تصرّح الرّواية برغبتها في الإختلاف عبر لجوئها الى العنونة أو «العتبنة» في شكل حرف من حروف المعاني (منذ) ليثير فينا هذا الإختيار أسئلة لامهرب منها :هل العنوان تسمية أم العنوان تعمية أم العنوان تجربة أخرى في العنونة أم العنوان هنا مشروع شراكة يلوّح به عبد الوهّاب ثمّ يتخلّى داعيا على طريقته القارئ/ شريكه الآخر/إلى إعطائه صيغته النّهائيّة عبر إخراجه من حالة النّقص إلى حالة الإكتمال والمعنى؟ هل تطالبنا رواية الملوّح أن نقرأها أم هي تضطرّنا قبل أن نقوم بأيّ مجهود قرائيّ أن نبدأ بالكتابة ؟ إنّ هذه الاسئلة تضعنا حتما أمام الإستنتاجين التّاليين:
-أوّلهما أنّ المؤلّف نجح في قلب الأمر" إقرأ" إلى "اكتب" أو إلى" اكتب قبل أن تقرأ".
-ثانيهما أنّه دفع قارئه إلى الخروج من اطمئنانه والخروج من حالة التّسليم وإطلاق الأحكام المسبقة التى تفرضها غالب العناوين إلى حالة من التّفكير والبحث والتّأويل.
هاتان نقطتان تحسبان للكاتب لما وراءهما من جنوح إلى التّعامل مع القارئ على أسس جديدة يمكن أن نجملها في ما يلي:
أ‌- النّديّة: بدعوة القارئ إلى الدّخول الإجباري في مشروع شراكة موضوعه كتابة عنوان رواية مّا تنتفي أو تكاد العلاقة العموديّة التي طالما سادت بين المنشئ والمتقبّل فيصبح القارئ كاتبا ويصبح الكاتب متلهّفا لقراءة ما يمكن أن يضيف قارئه من أفكار موازية وعناوين مفترضة ونقود مختلفة.
ب‌- االثّقة في القارئ: بتمكين القارئ من فرصة الكتابة وحثّه على استغلالها بل وإجباره على عدم التفّريط فيها تنتفي في الكاتب صورة المعلّم الذي يملي والذي يفترض أن يكون ملمّا بكلّ التّفاصيل كاملا لايعتريه النّقصان ولا يحتاج إلى غيره لسدّّ ثغرة معرفيّه أو تطوير معلومة مّا وتنتفي في القارئ صورة التّلميذ الذي يتلقّى ما يتلقّاه كأنّه يتلقّى قرآنا يتلى لا يجب أن يزيد عليه أو ينقص منه أو يحرّفه أويطوّره وتنتفي وجوبا في النّص صفتا القداسة والكمال فيصبح العمل الإبداعيّ عجينة تشترك لخلطها وعركها يدان اثنتان:
- يد الكاتب بما أوتي من موهبة وثقافة وحسن توظيف للّغة.
- يد القارئ بما لديه من مسؤوليّة تجاه كلّ عمل يتناوله بالقراءة الواعية المتأنّية وهي مسؤوليّة تخرجه قسرا من السّلبيّة والحياد وتضظرّه إلى شراكة من نوع جديد.
القارئ والكاتب إذن ندّان يشتركان في صياغة العمل الواحد أو القارئ والكاتب شطران يكمّل أحدهما الآخر في اتّجاه انشاء نصّ جديد لم يعد لأحد أن يدّعي وحده ملكيّته الحقيقيّة إلا اعتباطا.
ذلك ما يمكن أن يكون الملوّح قد قصد إليه وذلك ما أمكننا استنتاجه من خلال استقرائنا للعنوان المكوّن من حرف معنى اقترحه الكاتب ومن ثلاث نقاط متتابعة على القارى أن يعوّضها بكلام يحددّ الغاية في الزّمان... لكي نجد أنفسنا بعد ذلك أمام متمّم (مفعول فيه للزّمان) لن يعني للقارئ شيئا ما لم يرفق به مسند ومسند إليه يستوي بتلازمهما المعنى المطلوب وتخرج به الرّواية من عنوان التّعميةالجميل هذا الذي تتّخذه الآن قبل القراءة إلى عنوان تسمية فيه دلالة وإحالة على حدث و وقائع حدثت في زمن محدّد ببداية ونهاية واضحتين.
ولاشكّ في أنّ هذا الإختيار الذي يخرج العنوان من التّسمية إلى التّعمية ومن مجرّد المقروئيّة إلى ضرورة البحث والتّأويل ومن بسط جناح الإطمئنان على القارئ إلى زعزعة هدوئه ودفعه إلى الحيرة والتّفكير، لا شكّ أنّ في اختيار كهذا الذي ذهب إليه المـــلوّح عدول عن السّائد ونزوع نحو الإختلاف و اتّجاه نحو تأسيس علاقة جديدة بين الكاتب والقارئ وبين القارئ والنصّ.
3-العدول في مستوى المضمون:
أ‌- في تحـديد الجـنس:
مع رواية « منذ...» لعبد الوهّاب الملوّح نحن أمام شاشة كبيرة تظهر عليها محطّات كثيرة تفرض على متتبّعها أن يوزّع عينيه بينها جميعا وأن يحافظ على ترتيب الأحداث في كلّ منها وأن يتسلّح بذاكرة لا تعرف النّسيان وانتباه لايعتريه الفتور. هكذا تبدو رواية « منذ...»: مشاهد أو مناظر أو مقاطع متباعدة متنافرة في ظاهرها غير أنّها في الحقيقة تحتكم إلى خيط رابط زمنيّ إن شئنا( منذ انطلاق الأحداث الأولى) أو هو نفسيّ أيضا يمكن الوقوف عليه من خلال معاينة الأجزاء التي اهتمّت بذكر و وصف حالة الرّاوي خاصّة منها تلك التي سمح فيها الكاتب لنفسه أن يتّحد والـــــرّاوي فيصبحان واحدا لتزول بين خالق النّــــــص و البطل/ صنيعته كلّ الحدود ويتماهى المنشئ في خليقته مؤثرا أن يتخلّى والرّواية تقترب من نهايتها عن تظاهره بالحياد وأن ينزع على نفسه القناع ليثور على نفسه القارئ الذي كان يظنّ أنّه يتابع أحداث رواية عادية بما يحيل عليه هذا الجنس من تعددّ للأصوات وتنام للأحداث وتعديد للأمكنة والأزمنة ويكتشف أنّه أمام كثير من المقاطع السّير ذاتيّة وأن كثيرا من التّسميات والوظائف وقليلا من الأمكنة والأزمنة والأحداث كانت مجرّد تمويه غطّى به الكاتب حينا من الرّواية على نفسه وسيرته وأسراره... ثمّ كأنّه ملّ القناع أو أراد أن يعبّر عن رفضه التّمويه والغشّ والتّستّر والتّخفّي فصرّح بين ثنايا السّرد باسمه ولقبه كما جاءا على غلاف الكتاب ليقول القارئ مبتهجا أو غاضبا أومرتبكا : " سقطت جميع الأقنعة".
جاء على لسان الرّاوي: كنت أجري عبر الشّوارع ممسكا في جيبي الظّرف، أجري وأصيح بأعلى صوتي، لم أكن ابالي بأبواق السّيارات تزغق وأصحابها الذين يرمون ورائي أقظع السّباب والشّتائم. كنت أجري فقط كمن أصابه مسّ، إنّها هنا، عليّ أن ألحق بها، لم أكن ألوي على شيئ، كنت أفكّر فقط في اللّحاق بها، نسيت الظّرف، نسيت ليلى،نسيت قلاب،نسيت الشّارع، نسيت خالتي، نسيت ما جئت من أجله إلى هنا، نسيت عبد الوهّاب الملوّح. نسيت ما كنت سأفعله... (ص 275 ) أين تبدأ الرّواية وأين تنتهي ومن أين تصبح الأحداث أحداثا سيرة ذاتيّة ؟ أين حدود الحكي وأين حدود التّاريخ؟ وأيّة علاقات تربط بين مكوّنات رواية عبد الوهّاب الثّلاثة : الحكي وسيرة الذّات وأحداث التّاريخ؟ وهل يصحّ أن نعلّق الأجوبة على هذه الأسئلة بإحالة العنوان فيما يتعلّق بالبدايات وبما جاء في الصّفحة الأخيرة فيما يرتبط بالنّهايات :" واضح جدّا أنّ الأحداث مازالت متواصلة، وأنّ كلمة انتهت التي تعوّد الرّوائيون ختم أعمالهم بها وضعها إعتباطيّ لا معنى له هنا، فليست هناك نهاية مّا، مازال هناك أكثر ممّا تقدّم، ومازالت هناك أمور أخرى ستحدث... " ص 276... وهل نعدّ " منذ..." رواية وكفى أم هي سيرة ذاتيّة خالصة أم هي رواية تختلط بالسّيرة الذّاتيّة أم هي جنس جديد ليس رواية وليس سيرة وليس رواية سيرة إنّما هو خلق آخر فيه عدول عن الإستراتجيّات المتعارفة وتأسيس لكتابة أخرى؟ هذا إرباك أو وجه من وجوه العدول ذكّرنا بأيّام طه حسين ولكنّ الجدّة فيه تكمن في أنّ صاحب الأيّام كان ظاهرا من خلال تخفّيه في حين أنّ الملوّح كان خافيا رغم محاولات ظهوره.
ب- في تكثيف الأجناس:
لئن كان معروفا عن الرّواية أنّها جنس إندكاك الأجناس والجنس الآكل للأجناس والفضاء الذي يختلط فيه الحكي بالخرافة والأسطورة والدّين والوثيقة والصّورة والأمثال الشّعبيّة والكتابة الشّعريّة وتمتزج فيه اللّغات واللّهجات، ولئن كانت هذه السّمة أو الظّاهرة قد حضرت بقوّة في ما كتب عبد الوهّاب فإنّنا نرصد وجه الجدّة أو العدول فيما يلي :
1- وعي الكاتب المسبق بهذا المزيج الكثيف الذي بائتلاف عناصره اهتزّ وربا ونما عمل في حجم وقيمة " منذ..."، ذلك أنّ روايات كثيرة حضرت فيها هذه السّمة دون أن يكون مؤلّفوها قد قصدوا أن تتداخل الأجناس فيما كتبوا وأن تنفتح كتابتهم عل كتابات أخرى إنّما فرض ذلك الإئتلاف وذلك التّمازج فرضا عليهم. جاء في الصّفحة 228 : سأعترف أيضا أنّ ماتقدّم من متن هذا الكتاب هوتجميع لعلّه كولاج ليوميّات، لأحاديث، لحوارات، لتقارير، لأحلام، لأفكار، تمّ نسخها كما أو ردها أصحابها،براق عبد اللّه محجوب، ليلى، أهالي قرية.
2- عدم إقتصار مؤلّفات أو مكوّنات هذا المزيج على عنصرين أو ثلاثة وامتداده ليشمل كلّ الأجناس الصّغرى الأخرى، ففي رواية عبد الوهّاب إمتزجت اللّغة العربيّة الفصحى باللّغة العربيّة الأخرى باللّغة بالفرنسيّة(88) وحضر السّرد العاديّ وحضر فنّ الترسّل (ص 158-159) وحضرت نصوص الإشهار والإعلان (ص213) وحضرت الوثيقة (270-271-272) وحضر النّص القرآني (ص 222-223) وحضرت الأغنية باللّغة الفرنسيّة (ص73) وحضر كلام العراّفات (ص62-63) وحضر الشّعرالعربيّ الفصيح (67-242) وحضرت الأمثلة الشّعبيّة و الحكم الجارية في االنّاس مجرى الآيات والقوانين (ص 143) وحضر الإستجواب على طريقة( السّين جيم ) (ص 190-191).
كوكتال من عناصر تبدو متنافرة إستطاع الكاتب أن يصهرها ويحلّ بينها الإنسجام على تنوّ عها واختلافها ويؤلّف منها " منذ..." التي جاءت بفضل هذا الإتلاف والتنوّع منفتحة على كلّ الكتابات وقابلة لكلّ القراءات.
في انتظار قراءة أخرى:
ليست هذه الورقة غير مصافحة أولى لرواية عبد الوهّاب الأولى التي لاشكّ أنّها ستظلّ تستدعي مصافحات أخرى وقراءات أعمق وتناولات مختلفة يفرضها ثراء الرّواية وما جاء فيها من أساليب تجديد ومن قطع واضح مع كلّ أنماط الكتابة السّائدة واتّجاه نحو تأسيس علاقات جديدة مع القارئ وتوظيف آخر للّغة واستفادة من بقيّة أنماط الكتابات.

إحــــــــالات:
(1) « منذ... » رواية / عبد الوهــّاب الـــملوّح. ط.1.دار سـيبويه.2006
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وجوه العدول والارباك في رواية ةة منذ,, لعبد الوهاب الملوح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الريح :: القراءة العاشقة :: اجنحة اخرى-
انتقل الى: