قصص قصيرة جدا...
هشام بن الشاوي
*براءة:
تلمح الصغير يجلس مع طفلة، تكبره بباقة أشهر .. يثيرك إنصاتها إلى حديثه الطفولي ، غارقا في ضحك صاف . تحس بوجع يتمطط في دواخلك.. تتذكر أنك لم تلعب مع بنت في طفولة بعيدة - تعيشها بأثر رجعي- أو جالستها أو ضحكت حتى .. تهمس لنفسك في نبرة رثاء : شكرا، يا أبي لأنك أهديتني كل عقدك النفسية بدل ... !
*شا ت :
يعرف نفسه بالأرمل ، يرسل رسالة إلى( ممحون) .. فقط لأنه قرأ تحت لقبه أنه( يحب الكبار) .. للتعارف .
يرد على رسالته ذلك العربي الذي لم يفهم معنى لقبه (ممحون).. لعلها صفة مشتقة من المحن .. ويخمن من لهجته أنه قطري أو .. أو .. ويخشى أن تكون صفة قبيحة بلهجته المحلية .
يعرف من رده أنه لا يحب الصغار لعبثهم وصعلكتهم ..
عاد جدا يقول لنفسه .
يقرأ تحت اسم إحداهن :"أقسم بالله أني قاعدة عريانة قدام الكاميرا وبستنى" ، ويفكر في شيطنة أن يغادر الموقع و... يسجل باسم أنثوي مستعار .
- أحب الرجل الكبير والفحل ...
يسأل الممحون بدهاء، وشيء ما يتحرك في دواخله .. وأسفله :
-ولماذا فحلللللللللللل ؟
وصعق حين قرأ رده :
- لكي ي(...)ني !
*عيون:
الأم تكنس الرصيف .. بانحنائها ينكشف بعض حليب فخذيها ، يستدير مشيحا بوجهي عنها .. موبخا نفسه . يلتفت إلى ابنتها المراهقة في صمت التماثيل ، كما تعود عند مغادرة العمل .. و بنفس النظرات المحايدة .
الأم صارت بين ملتقى عيوننا .. لا زالت منحنية ، و المكنسة تطارد سيل الماء الذي اتسخ .. في حيوية .
وثوبها الذي ارتفع عن غير قصد ، قبالة بنت .. تجلد بنظراتها عري أمها.
* وجودية :
جسدي واهن يتلكأ في تمايل خفي ،تحت شمس الظهيرة .. وأعد نفسي ألا أسهر بعد هذه الليلة . لكن وعدي يتبخر ما بعد الساعة العاشرة ليلا ، كل ليلة .. من فوق السطح ، ألمح قطط الجيران وكلبة من فصيلة (كانيش) بزغبها المنفوش تتمطط تحت دفء الشمس .. في الحدائق الخلفية . الشبابيك والأبواب لاذت بسكونها ، ربات البيوت استسلمن لسحر القيلولة .
تصيرأقصى أمنياتي أن أغفولحظة ، وجسد ي الواهن ماعدت قادرا على حمله .. أتخيل قدما تركلني ، وشخصا يزبد ويرغي .. يتضاءل التعب . و أذرف دموعي الباطنية في صمت : "يا الله !ليتك خلقتني قطا أو كلبا حتى ..." !!
* غيرة :
ديك الجيران صار مزعجا بصياحه وفضلاته .. فاختاروا نفيه إلى (عشتي) فوق السطح . استقبلته بفرح طفولي .. أبتهج بتجاوبه الهادئ مع حبسه الجديد، يتطاوس لأنه المذكر الوحيد بين ثلاث إناث.. يغلي دمي، وهو يهم بأن يعتلي إحدى دجاجاتي .. فتمتد يدي الصغيرة ، بالعصا فوق جناحيه بلا شفقة ...
22 مارس2007