البوصــلة
وحــده
الطّيـر
يعرف
كلّ الجـهات ،
حين تخـون
البوصـــــــــــــــــلة..
انتظار
القطار،
طـــويـــل،
طـــويـــل،
راكبه واحــــــــــد،
و المنتظرون ،، ملاييـــــــــــن.....
لعبة
لتعلم اليرقة ،
انّ الواقف حذو قمقمها ،،
صغير تخشّبت ساقاه،،
ينتظر حــــجرة........
الوصية
إلى المقاوم محمد الأزهر الشرايطي
اجسّ تجاعيد البحر،
اجدني يا أبي،
ملفوفا بقشور الملح،
أرشح حروقا و صبّارا،
و صوتك يا أبي،
يأتيني من خلف
خلف ستار الرّوح:
أنْ قعْ يا ولدي
في برك الحنّاء،
و لوّثْ ببدنك الملطّخ،
نخلا و مناف،
شال الوطن الغائر
في فجاج التّراب العذب،
المتقدّم فيّ،
المتقدّم في أوداج
خيمة مائنا القليل،،
،،،،،،،
أنْ قعْ يا ولدي
في وشْم أمّك،
و كحْل أمّك
و علْك أمّك ،،
و دوّنْ تضاريس دمعها،
حين الطّريق منها يأخذك،
و الحقيبة الفارغة إلاّ منك،
تجرّك إليك،،
،،،،،،،،
أنْ قعْ يا ولدي
في سعير غدك ،
و جدّفْ حتّى أراك،
محمولا على كفّ صلصال الصبْح،
و علقك غدى قرنفلا و صبايا ،
و مـــــــــــــاء،،
،،،،،،،،،
يا ولدي ،
رحْ إلى حيث أنت،
و جمّع من ثقوب طلاج القلب
عصافير الهوى المطحونة،
جمّعها تحت جلدك،
و طــــرْ،
طرْ إلى حيث أنت ،
إلى حيث مشدودة إلى شراك الورق،
اصابعك الرّاكضة
في شهد العرق المراق في بلاد الأرق،
الموشّمة على شبّاكه شاهدات
الأحبّة الّذين ماتوا،
الأحبّة الّذين قتلوا،
الأحبّة الّذين شرّدوا،
و ما ذكرهم سجلّ البلاط ،
النّاشب كشوك زهر الرّدى،
في شقوق آلائك و آلائي يا ولدي،،
*******
يا ولدي،
افترشْ ريش الجنوب،
و أحلمْ بي أتوسّد صخر عُرْباطة*
و زوّادة رصاصي،
و قـــــــــلْ،
قلْ تونس عروسة دمي،
تونس قلادة ربّـي،
أهداني إيّاها ربّي لأبينْ..
وأسكن أريج القمم..
تونس نبيذي،
تونس عطري،
تونس فيض الرّوح،
و نبض شرانق الضّوء،
و الضّوء في عينيها
لا جلد ثور علّيسة أضاءه،
و لا سيوف القادمين من تخوم الشرق،
،،،،،،،،،،
يا ولدي،
اصرخْ عند بابها:
تونس أحبّك ،
فهلْ تجزّين صغار حلم
من جاءك من وراء دم الورد
لضـــــــمّك
يا تونس الأحباب ،
و اللآلام،
و غيْضي،
و ضدّي،
و حزني،
و فرحي...
اصرخ يا ولدي،
و دعْ سجنك
للّذين قاموا في رحاب عشْقك الممنوع،
يدهنون الأقنعة،،
لا مهرّج أنت يا ولدي،
ولا أنت مصبوغ بجلد التلوّن...
*********
قلْ يا ولدي :
سمعتك يا أبي،
في وشْوشة سنابل الحنطة
الشّحيحة في جنوبي،
في شِؤون عابرات اللّيل،
في "قرْبعة" قوارير آخر سكارى بلادي،
في شارات المرور المملّة،
في نشيج دار بلا جدار،
و طفل يبيع لعبه في الحانات الضّاجة،
ألمه يخترق صوت الفقر،
و يضيع في خطوات الرّاحلين في النفي،،
فاقْرأْ يا ولدي:
لفوضى الموْج الموغل،
في الرأْس المثقوب،
المصْلوب فوق رتاج الباب،،
للبرق ذي عباءة الأسئلة
الغارقة في العتْمة،
لأضراس البحر السّاكنة قلب الضّجيج،
للمحصّنة بالخوف و بالسّفر،
لقبّرة ذبيحة تتنفس تحت دمي،
طوابير الشّوارع المدكوكة،
في كوْن الفقر،
و الكوْن هذا لكْ يا ولدي....
*********
يا ولدي هلْ تدري
انّني أعشق التّائهين...
تائه المحطّات ،
تائه الحانات،
تائه الوجه،
و تائه الكلام،،،
مرّة، شاكست محطّة القطار
بمسدّس من ذاكرة جبلي،
قالوا لعبت بالموت،،
و همْ لمْ يفْقهوا بعْد
انّ الموت حبيبي..
فيا الموت ،
هلْ ناري ما رأيت؟
و خبزي ما إشْتهيت؟
و عنّي ما سمعت،
في بلاد الخطّاف و الطّين،
و الشّيح و الطّيب؟؟
يا الموت ،
جرحي قديم أتدْر؟
حبيباتي مازلْن يسْكنّ ضفّته،
و يصطاف بين نهودهنّ
قمري السريّ،،
و يشْحذن في بكاء و زغاريد،
مخالب كلامي ،
و الكلام في جهتي يتعقّبه
جيش من الرّماد يا ولدي...
*********
سمعتك يا أبي ،
من خلف خلف ستار الرّوح،
فنمْ قرير الفزع ،
و أتْركْ وهاد الدم المستحيل ،
تنهمر من قروح تعبي
المشتقّ من فيضان الوقت
في رحم كسْرة مساماتي العطشى،
في زمني المغفّل ، المعفّر بجير الضّحك الحزين،،
سمعتك يا أبي ،
و بي شغف لعناق قامة فخّارك و عرائس نسلك،
المؤجّل فيّ،، المدّخر لفرح آت،
يشوبه شيبك و شجني ،
و شموســـه القادمهْ........
* عرباطة:جبل مشهور بقفصة