يملأني الصبر يتعزى به الأمل، يجـول الحرمـان علـى أرصـفة المديـنة، يبحث عن أشباح هاربة ، الخيالات تغزل خيمة الحقيقة للمـبيت ، تـَهُـب ، تستجدي شواهد الإثبات ، أآمل أن يتحقق المحال ؟ أن يصلـّي شعاع الفجر، لابسا الرجاء ، حينها تتجلى الرؤيا ، كما رسمتها في معناها ، حين يعـبد القوم الصورة ، أوّلي وجهي شـطر أغوار ذاتـي ، لأرى الـلوحة فأرضى ، أرقب مشهد عابري الدروب ، لعله يخرج من بينهم ، من يقاسمنا الأسرار ، ويفرغ مزوده ، ينثر الحقيقة بذورا ، الأرض البور ، لعلها إن سقيت بغيث الكادحين ، وارتوت من عرق فلاحي الحقول ، المنصهرون بلفح الهجير ، اليابسة شفاهم من صفعات الزمهرير ، لعل إن احتضنتها القلوب الفسيحة، التي انفجـرت بداخلها عـوالم كـثيرة ، لعلـها تـهِبُ الحيـاة ، كـما الشـمـس لشعاعـها، أفـكر فـي ذاك الـمقام ، مـاذا أقـول ؟ للأشجار المتراصة عـلى الطريق ، للافتات المعلّقة ، للأعلام المتزاوجة الألوان ، للـشرائط اللاهية مع الريح ، المتراقصـة تأهبـا ، الذائبة شوقـا و صبابة ، لاستقبال الضيف الآتي ، مـاذا أقـول ؟ لـلحبال الفاصلة عـلى المعالـم ، للأرصفة المتزينة ، المصبوغة المبهرجة ، لسعف النخيل ، لأكاليل الزهور الأخاذة ، للروائح المنعشة ، الساكنة للمكان ، أأقول : مـن هنا سيـمر ذاك الضيف ، سـيرفـع يديه مُتحيّا ، ثم يضمهما لصدره ، حيث تختفي الوعود ، متسربلة بعرائس الوهم ، بمشاعر سحرية ، تتقلب فيها ابتسامته كالبهلوان ، ثم يمضي خفيفا بهمـوم المشـتكـين ، المثـقلون بأكـاذيـب المنـابر ، أأقـول : هــو لـن يأتـيكـم بالفصول، الماضية من أعماركم ، عليها طبع الشقاء آثار خطاه ، على طينة الفقراء ، هو لن يبعث البهجة ، الفارة إلى مدن الحكمة ، من زمـن الحـرام ، لاجئة ، ماذا أقول ؟ للأوراق الملونة ، للفسـاتيـن الـبيضـاء ، لصبايـا الفـرقة الموسـيقيـة ، لبنادق البـارود المحشوة بـنـدف الـورق الاحتفالي ، للـمزامـير المسكونة بلـحن كرنفـالي ، لـلزرنة للطـبول ، للسـيوف المـطرّزة الـذهبية ، للخيل الراقصة ، للوجوه الغبطة الساذجة ، المنتظرة عـلى الحافـة ، أأقـول : سيـمر مـن هنا ، فـارغ اليدين ، إلا مـن قُـُبلٍ كالجلـيد ، يضعـها على كـفيه ، يوزعها بحـرارة شوقـه ، السجّـان ، الباحـث عـن أسـرى جدد ، عـن سبايـا و عبيد ، عن غنائم تأخذ بمراسيم ، هو لن يرضى بهتافات الترحيب ، هو يبحث عـن الصوت فـي الصندوق ، المـغلـق المفتـوح ، حيـن يقـف فـوقه ، يرتقي للكراسي يتعنكش ، ذاك الصوت يئن ، يحب أنين العبودية ، يحن ، يستعذبه ، ألأنه معلق ببهاريج الحياة ؟ يتطلع لخيالات الساحر ، ماذا أقول؟ للأنغام المعزوفة بمكبرات الصوت ، للخراف المذبوحة للطعام ، للأناشيد الحماسية المتعالية ، هو لا و لن يتأثر ، بأسماء القوافل للشهداء ، وعناوين المـعارك للشرف ، بتـاريـخ الأبـطـال ، المؤكـدة للافتـخار ، هـو لا يـهتم لاعتبارات الماضي ، لا يهمه ، إن سار البلد على غيمة بيضاء ، يصنعها الربيع ، ليتمثـّل البهاء ، لا يهمه ، إن يمتطي الفرح ، و يصيب الوجع في مقتل ، فترتاح النفوس ، هو لا يهمه إن جاءه هدهد الفتح ، ليدخل الضعفاء دار الأمن ، لا يهمه البلد ، إن كان يرى بعيون زرقاء اليمامة ، لا يهمه إن بعث علي بابا و تحرر اللصوص ، ماذا أقول ؟ للحناجر الهاتفة ، للصدى المنتشر في جيوب المباني التعيسة ، المكابدة الشقاء ، شكوى البؤساء ، هو لن يرفع الغبن ، لن يدفع من دمه قطرة ، ولا من عرقه تكبر السنابل ، تلك الأبهة البادية عليه ، أُخذت من خبز ودواء الفقراء ، أأقول: ذاك الضيف لا يؤمن ، لا يحب إلا خيالاته ، تُبدى له وحده ، لا يسعني إلا أن أقول :خطاياه المقترفة لا يحسها ، لكنها تفتح في القـلب جـرحا ، أقول : لـن يكون الضيف غـيـر عــدّاء كـراسـي، سيـاسي بـنـعـل يـربــطه بـكم ، يـرد لـكـم الجـميـل بـركـلة ، الوجهة : صوب الحفرة