اللوحة الثانية
( نلاحظ في هذه اللوحة ضعفاً في نصفها الأول. وبعض التناقض في نصفها الثاني، كذلك كثرة الأخطاء ).
من هذه السنة إلى السنةِ التالية القدر المحتوم انقضي
لطالما تطلعت استقاء في شقاء مستمر ( فوزي: هكذا وردت في الكتاب )
بالنسبة لي الخبثُ يزداد ولم أعدْ أرى العدالة
فصرختُ إلى الله ولكنه رفض أن يُريَني وجهَه
تضرّعتُ إلى الآلهة ولم ترفع رأسها
ملاكي الحارس، بإقامة الطقوس، لم يقرّرْ مستقبلي
رُغمَ سكبِ الخمور لمُفسّر الأحلام، إنه لم يوضّح حالتي
تحوّلتُ إلى روح الأموات، ولم يفتح أذني
إنّ طاردَ الأرواح الشريرة، بالطقوسِ لم يحلَّ العقدةَ الإلهيةَ ضدّي
أيّةُ أمورٍ غريبةٍ تجري من حولي؟
فإذا تطلعتُ خلفي لا أجد سوى العذابِ والقلق
وكأني مثل رجلٍ لم يسكب الخمورَ إلى آلهةٍ بكفاية
أو كمن لمْ يدعُ آلهته إلى المأدبة
أو لم يحنِ وجهَهُ ويسجُدْ علانية
أو مثل من جُنـَّت في فمه الصلواتُ والعظات
وكأنه نسي يومَ اكرب وأهمل الأعياد الشهرية ( فوزي: هكذا وردت )
وتناسى طقوسَ الآلهة
كمن لم يُعلّم أتباعَه المخافةَ والاحترام
وبدون أن يستأذن الله، تناولَ طعامه
وتخلى عن آلهته دون أن يقدّم لها القربان
إنّ مثله مثل من نسي إلههُ وهو في حالةِ جنون
أو من دعا، بسذاجة، حياةَ إلههُ في حفلٍ علنيٍّ قائلاً
ها أنذا " آمرك "
ومع هذا تذكرتُ فجأةً الصلواتِ والموعظات
الموعظاتُ كانت بالنسبةِ لي حكمة، والذبيحة
واليوم الذي نمجّد فيهِ الله كان يوم هناء
ويوم التطواف من أجلِ الآلهة، كان لي ربحاً وفائدة
الصلاةُ للملك كان كلّ فرحي ( فوزي: أعتقدها: كانت )
والعزفُ من أجله كان لي سعادة
أرغمتُ بلادي على احترامِ طقوسِ الرّب
وعلّمتُ أتباعي الحمدَ باسمِ الآلهة
وساويتُ بين تسابيحِ اللهِ والملك
وعلّمتُ الشعبَ مخافةَ القصر
وبالحقيقة، اعتقدتُ أنّ كلّ ذلك يلذُّ للربّ
ولكن ما قد يكون حسناً بنظرك يكون تجديفاً على الله
وما هو مكروهٌ بالنسبة لك، قد يكون جيداً بنظر الربّ
ولكن من له أن يدركَ إرادةَ الآلهة في السماء
والمقاصد الإلهية في وسط المهاوي؟
حيثُ يتعلّم الأموات دروبَ الله؛
وهكذا، بينما يكون الواحد بالأمس، ممتلئاً بالصحةِ وإذا به اليومَ يموت
وهكذا فجأةً وهو منكمشٌ، يصبحُ ممتلئاً بالنشاط
وفي فترة العطاس، ينشدُ لحناً مفرحاً
وبعدها بخطوةٍ واحدة، يشكو كالمنتحب
إنّ خلال فتح وإغلاق الفم تتغيّر الروح
ما إن يجوعوا حتى يصبحوا كالجثث
ما أن يكونوا في امتلاء، حتى يقارعوا الآلهة
وفي أيامِ السعد يتحدّثونَ عن الصعودِ إلى السماء
وما إن يتأملوا حتى يشكو من النزولِ إلى الحجم ( فوزي: هكذا وردت )
حولَ هذه المتناقضات، كنت أتساءل دون أن أحصلَ على جواب اما، وانا فنهلك، فالعاصفةُ تطاردني ( فوزي: هكذا وردت في الكتاب )
إنّ مرضاً مضنياً ينتابني
وصوبي ريحٌ شرّيرٌ يعصفُ من جوف الأفق
حمّى ( أبيو ) انتشرت آتيةً من العالم السفلي
والسعلة الكريهة خرجت من الآبو، قعرها
و " أوتوكو " الذي لا يقاوَم، خرجَ من الـ ( ايكور )
والـ ( لامشتو ) نزلت إلى قلب الجبل
ومع صعود النهر انتابتني قشعريرة باردة
الذبولُ اخترقَ الأرض وهو يواكبُ الخضرة
كلُّ هذه الأوجاع المترافقة دنت مني
صدمت رأسي وضغطت على جمجمتي
عتمَ وجهي وأطبقت عيناي
صدمت صدري وضغطت على حجري
قتلت جسمي ورقتي في التشنج
وللتخفيف من آلامي أشعلوا النار
فأخذت أحشائي تضطرب وأعضائي
وباستخراج لعابي، التهبت رئتاي
فانتابت الحمى أعضائي وبدأتُ أرتعش
قوامي العالي هدموه كما يهدَمُ الجدار
ورغمَ منكبيّ العريضين، أصبحتُ كالقعيد يسطحوني
أنا مسترخٍ كعشبةٍ ملواة ووجهي منكبٌّ عل الأرض
الشيطان ( آلو ) لبسني كما يلبس الثوب
والخدرُ غلّفني وكأني في شبكة
عيناي جاحظتان ولا تريان
أذناي مفتوحتانِ ولا تسمعان
الشللُ أتى على كلّ جسدي
والارتجاجُ رقع على كلّ جسمي ( فوزي: هكذا وردت )
والتصلّبُ أمسكَ بذراعي
والفسادُ وصلَ إلى ركبتي
لقد نسيت قدماي المشي
( فوزي: لا بدّ هنا أن نتذكر أمراض دموزي حين أنزِلَ إلى العالم السفلي )
وما هي إلا صدمة تصيبني وسأنتهي
الموتُ بالمرصاد إنه مخيّمٌ على وجهي
ولم أعد أجيب مفسّرَ الأحلام وهو يعتني بي
بكاني أهلي وفقدتُ الوعي
كمامة وضعت على فمي
وقفلٌ أغلقَ شفتيّ
بابي موصدٌ ويُنبوعي أغلق
خوَرِي يمتدّ وحنجرتي أوصدت
إن قدّموا لي حبوباً فإنّ نتانةً أبتلع
البيرة حياةُ الرجال، أصبحت بالنسبة لي كريهةَ المذاق
والأعلى من ذلك إنّ هذا الألم ينتابني منذ زمنٍ طويل
ومن قلّة الغذاء، ملامحي تشوّهت
ولحمي أصبحَ رخواً، ودمي ينزف
عظامي ترتسم تحت جلدي الوحيد الذي يسترها
وأعضائي ملتهبة، إنها تلقّت شرّ " أوريكتور "
لقد لازمتُ السرير وكأنه سجني، وتركه لا يعني سوى النحيب
لقد تحوّل بيتي إلى سجن
وجسدي أصبح غلافاً فقط، حيثُ أمدّ ذراعي دون حراك
وأنا نفسي أسيرُ نحو السلاسل حيثُ تكبّل قدماي
موجّهة جداً الصدمة التي أصابتني، وجرحها خطير
السوط الذي وقع عليّ مملوءٌ بالشوك
وفي كلّ يومٍ يعذّبني معذّب
دون أن يدعني أتنفسَ في الليلِ لحظةً واحدة
وفي الاضطراب الذي أنا فيه، عضلاتي شحبت
وأعضائي المبعثرة ارتميت هنا وهناك ( فوزي: ربما ارتمت )
وكالثور فوق المزبلة، كنت أقضي لياليّ
وكالخروف كنت أتلوّثُ بأقذاري
أعراضُ مرضي أرهبت الساحر
وسوءُ طالعي أقلقَ العرّاف:
الراقي لم يكتشف طبيعة مرضي
والعراف لم يحدّد مدة وجعي
الإله لم يأتِ لمساعدتي لم يأخذ بيدي
إلهتي لم تشفق لحالي ولم تمشِ إلى جانبي
قبري كان مفتوحاً وتغني الأخير كان جاهزاً ( ؟ )
وحتى قبل وفاتي، أتمّوا عملية الندب
كلّ الناس قالوا عني: لم يعامل بعدل
وإذا علموا ذلك، فمن كان يريد بي شرّاً، أدارَ وجهَه عني
ومن أخبره بحالي، وكان يريد شراً، فرحَ قلبُه
غير أني أدركُ " يوم " عائلتي
حيثُ بني معارفي فيمن كانت شمسهم تعطف ( شمس = مردوخ )