ستحكي لك تلك الحيطان عن أسباب بقائها واقفة تصدع أركانها وتخلخل أسسها وتأتيك نهنهة بكائها خافتة مجروحة بملح الكلس مغسولة بعفوكلام العابرين وماء أشجانهم ستروي لك صمتها وما تركته الشمس من صخب أشعتها بين زواياها المتهدمة أما الأحجار وقد غزتها رياح الأيام يهتف بينها برد الفقدان وحرائق التفجع بما يراكمه الوقت من حكايا هي اللحمة وسداة هذا المعمار ؛ هذا المعمار الطاعن في الزمن ينهمر ظلالا لا تنكسر مع انطفاء الضوء ظلال عالية تربو وتنأى في البعيد وتعلو بما يجود به العابرون عليها من لغو النظر ؛ ليست الأحجار هي التي تشد هذه الحيطان ولم تعد للأسس ثوابت في الأرض تسندها ولكنهاتلك الحكاياالخافتة ؛ الحارة ؛ تلك الحكايا بين الجدران وخلف الستائر في عتمة وجل اللقاء وحيث ينتصب الجسد ساردا ؛راويا ؛حاكيا ؛يبرر الوجود بتجلياته البهية.
هذي الحيطان الخربة الآيلةللسقوط ولم تسقط المتداعية ولم تتهدم إنما تسندها وتشدها لفراغ هذا العالم تلك الحكايا الغامضة .