القــــــــــــــــــــــــــــرار
قصة...
علياء الدرناوى
احترق تفكيرا ً...جال ببصره قليلا..ثم..خطا خطوات متئدة..وئيدة..استند على حائط الشرفة وقال لها:
- لم يعد ثمة وقت؟؟
لم تفهم ما يعنيه..
اردف :
- الوقت يمر وانا ابحث عن توبة..لقد تجاوزت الخمسين ومازلت انا كما انا..تأسرنى ابتسامة ... تقيدنى عيون ناعسة..هذا عبث وهراء..
لم تفهم!! هى...فجأة ...اراد هو..ولكنها ربما رغبت فى عدم الفهم..حاولت ان تستدرج عطفه..ولجت الى غرفة الطفلين وايقظتهما من النوم بقسوة..خرجا..التفا به..قبلهما..اخرج من جيب سترته الحلوى لهما..ثم قال بنبرة حزينة:
- عبث هذا..لافائدة مما تفعلينه؟؟
قالت للطفلين من بعيد:
- عمكما يريد ان يسافر..يسافر بعيدا ولن يعود ابدا..لن يعود..
اهتز كمن لُسع فجأة..ارتعد..ولم ينبس...قالت وصوتها متهدج :
- لن تجدا بعد اليوم من يعطيكما الشوكولا..من يشترى لكما الالعاب ويحملكما الى الحديقة والى السينما ويحمل لكما اشرطة الرسوم المتحركة... اعلقا به..اتركانى واذهبا معه اينما يذهب... انا لن افيدكما..هو انفع لكما...
قال احد الطفلين :
- خذنا معك...لانريدها..هذه قاسية علينا..تنهرنا وتضربنا..وعندما تغضب تلعن ابانا وتقول هو الذى اتى بنا الى الدنيا!!! اصحيح يا عماه ان ابانا رمانا وذهب..
مايزال فى رعدته..لكنه قد قرر..لم يعد ثمة وقت..يزحف نحو الخمسين ومازال فى غيه !! يا الله..كم بقى له من الزمن كى يثوب الى رشده...هذه العلاقة الآثمة عصفت به...لكنه بنى هنا جوا دافئا واسرة مكتملة..اب وام واطفال..الذنب اقوى على نفسه من البقاء...لايمكن ان يقنعها بصداقة بريئة..
قالت :
- لم اعد اريد اى شىء منك؟؟ابقى فقط من اجل الاطفال وانسانى..اعتبرنى لست هنا..ابقى مفتاحى البيت معك..اريد ان احس بانفاسك من بعيد...
لكنه قرر...لم يعد ثمة وقت...تخلص من الطفلين فى قسوة مصطنعه وقلبه يدق بسرعة لم يعهدها...يالله..لقد خلق عالما هنا لاتعلمه زوجته ولا اولاده..لو التقى بهذه الاسرة الصغيرة ومعه زوجته وتعلق به الطفلان..ماذا سيفعل؟؟...قال :
- انت امراة شابة..متوهجة...جميلة...نازلة من كون سحرى..يمكنك التقاط اى فقير يتزوجك وسيكون خادما لاطفالك وهو ممتن..لن يرفضك الا مجنون..اما انا انسى عالمى..انسينى ..لايمكننى البقاء...ولايمكننى الزواج بك..مازلت صغيرة ..انت فى الثلاثينات ومازال الوقت امامك لتعوضينى؟؟
- كل مكان فيه انت ياعزيزى ...لااتصور ان استبدلك برجل اخر ولو كان زوجا مخلصا..انت تعرف جنونى بك...
تخلص من الطفلين بهدوء..وانساب نحو الباب..فجأة توقف...ظنت انه تراجع..وضع يده فى جيب سترته واخرج مفتاحين ووضعهما على المنضدة فى المدخل..
- دعهما معك ذكرى على الاقل...ربما تاتى الى هذه المدينة فى ليلة متاخرة..لاتجد نزلا خاليا..تعال هنا وادخل الى غرفتك وحدك..لن ازعجك..يكفينى ان اؤنس وحشتى بانفاسك من آن لآخر..
لكنه لم يرد...فتح الباب..خرج...واقفله وراءه...تلصصت من خلف الباب..كان قد اجتاز حديقة المنزل واسرع واثقا من قراره..فتح الباب الخارجى..ثم اقفله وراءه..تلصصت وتنصتت..سمعت محرك السيارة يدور..ثم...عم الصمت...
علياء الدرناوى
2006م